للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بحذائه واتكأ على سِيَة قوسه، ثم أنشد:

نِعْمَ القتيلُ إذا الرياح تناوجت ... خلفَ البيوت قَتلتَ يا بنَ الأزْوَرِ

أَدَعَوتَهُ بِاللهِ ثُمّ غَدَرْتَهُ ... لَوْ هُو دَعاكَ بِذِمَّةٍ لَمْ يَغْدِرِ

وأومأ إلى أبي بكر، فقال: والله ما دعوته ولا غدرتُهُ".

وأكثر الروايات وأرجحها تدل على أن خالدًا كان موقنًا من ردة مالك، وإصراره على منع الزكاة، ولم توجد رواية قط تثبت إثباتًا قاطعًا أن مالكًا رجع عن ردته، وأعطى مقاده مخلصًا للدَّين، وإنما أعطى مقاده مغلوبًا على أمره، وكان يرجو أن يضع يده في يد أبي بكر لعله يجد عنده عطفًا أو لينًا، فلم يمكنه خالد من ذلك، وأخذه بالعزم وقتله.

وهذا متمم أخو مالك لم يدَّع قط أن أخاه قتل بعد توبةٍ، إنما ادعى أن خالدًا غدر به، بل هو يدعي في شعره أن الغدر كان من ضرار بن الأزور، وإنما أشار إلى أبي بكر أن كان هو الأمير الأكبر، فهو المسؤول عن أعمال عماله؛ خالدٍ فمن دونه. ولو أيقن متمم أن أخاه تاب عن ردته وأقرَّ بالزكاة كما أقرَّ بالصلاة، لكان له قول غير هذا القول، وشأن غير هذا الشأن. وكذلك كان قوله حين قال له عمر: "لوددت أنك رثيت أخي زيدًا بمثل ما رثيت به مالكًا أخاك. فقال: يا أبا حفص، والله لو علمت أن أخي صار بحيث صار أخوك ما رثيته. فقال عمر: ما عزاني أحد عن أخي بمثل تعزيته" (ابن

<<  <  ج: ص:  >  >>