للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللتان مارسهما طول حياته حتى بلغتا به ما بلغ، وهما اللتان تحملان صاحبهما - عن غير قصدٍ - على أن ينظر للأمر من ناحية واحدة، فيبالغ فيها حتى يبلغ الغاية في القوة، حتى إذا ما أراد أن ينظر إليه من الناحية الأخرى غلبته ناحيته الأولى حتى يبلغ الغاية في الضعف! ! فلا يكاد يصل إلى تحقيق، ثم يضطرب في يده ميزان العدل.

وهكذا كان شأنه هنا، اتّجه به تحقيقه عن غير قصدٍ إلى أنَّ عملَ خالد جريمة، فصورَّها أقوى تصوير، وخفي عليه الفرقُ بين الزواج والسبي، وخفي عليه الفرق بين العدَّة والاستبراء، وخفي عليه حكم الإسلام فيمن تزوج امرأةً في عدَّتها، أو قارب ثيبًا من الرقيق قبل أن يستبرئها، وخفي عليه بعد ذلك كثير من مقاصد الإسلام وأحكامه، ومن خُلُق المسلمين الأولين وسيرهم، فذهب يجزم بأن خالدًا "عدا على امرئ مسلم، ونزا على امرأته قبل انقضاء عدتها" ينسب ذلك إلى عمر، لا يشك فيه ويجزم بأن الذي كان من خالد زواج ثم دخول قبل انقضاء العدة، ثم يصوّر أثر ذلك في قيادة الجيش وفي مكانة المسلمين بين العرب، ثم يرى رأي عمر أن الحدّ على خالد واجب. فلما أن أراد أن يدافع عن خالد، ويبرّر فعل أبي بكر في التجاوز عنه، تخاذل ثم تخاذل حتى جثا على ركبتيه فلم يصنع شيئًا، إلَّا أن أتى بما لا يقره شرع ولا عدل، لا في دين الإسلام ولا في سائر الأديان، فقد أتى بما لم يأت به الأوائل! !

وسأزيد الأمر بيانًا حتى لا يخفى على من لا يعرف شيئًا من

<<  <  ج: ص:  >  >>