أحكام الإسلام، فقتل المرء المسلم عمدًا جريمة من أكبر الكبائر، يجب فيها القصاص، لا يملك أحد العفو عنه إلَّا وليّ الدم من عصبة القتيل وحده، لا يملكه خليفة ولا ملك ولا دولة، وتزوج المرأة في عدة زوجها بعد موت أو طلاق، زواج باطل لا أثر له، وقربان المرأة بسببه زنًا ليس فيه شبهة، ويجب فيه الحدّ، الرجم على المحصن والجلد على غيره، لا يملك أحد أبدًا العفو عنه، لا صاحب العرض، ولا المرأة، ولا الدولة، لا أحد قط، وكذلك حكم قربان الأمة المسبية في الحرب إذا كانت ثيبًا قبل استبرائها بحيضة واحدة. ثمَّ هذه المحرمات القطعية البديهية التحريم إذا وقع فيها أحد إنما يجب عليه ما يجب فيها من الحد أو القصاص، إذا كان لا ينكر أنها حرام، أما إذا أنكر أنها حرام واستحلها فإن حكمه في الشريعة أن يكون مرتدًّا خارجًا عن الإسلام، وحكم المرتد معروف، وكذلك يجري حكم الردة على من عرف وقوع ذلك وأقره ورآه أمرًا هينًا لا إثم فيه، أو فيه إثم قليل؛ لأنه ينكر أمرًا معلومًا من الدين بالضرورة.
ثم هذا الدين في عهد أبي بكر وعمر، كان دينًا فقط، لم تشبه شائبة السياسة، ولا شائبة الدنيا والغرور بها، وكان هؤلاء الناس إنما قاموا يقاتلون في سبيل الله، يقاتلون لتكون كلمة الله هي العليا، يقاتلون لترسخ قواعد الإسلام وأخلاقه وآدابه في العرب أولًا، ثمَّ في سائر الأمم من بعد. فإذا بدؤوا في أول أمرهم - كما يصوّرهم المؤلف - بالتهاون في أدق شيء عند العربي، وهو العرض وما يمس