للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خلافة أبي بكر، وبعض خلافة عمر، حتى يأتي متمم بن نويرة فيستعدي عمر على خالد، وقد صار الخليفة وولي الأمر، فلا يعديه عمر، ويأبى أن يغير حكم أبي بكر، ولكنهُ يرضيه بأن يردّ عليه امرأة أخيه وابنها. ولسنا نفهم هذا الردّ إلَّا بأن عمر طلب إلى خالد أن ينزل عنهما، وهما ملك يمينه، فيرضى ولا يأبى، استجابةً لرغبة عمر، لا طاعة لحكمه، فليس في سلطان أمير المؤمنين أن يأخذ أموال الناس كرهًا، ولم يكن ذلك من عملهم ولا من خلقهم. أفيظن ظانٌّ أن الصدر الأول من أصحاب رسول الله كانوا يقرُّون خالدًا على استبقاء ليلى امرأة مالك وهم يعلمون أنها تعاشره بعقد باطل حرام، كما يصور المؤلف زواجه إياها قبل تمام طهرها! اللهمَّ غفرًا.

لشدّ ما أخشى أن يكون المؤلف تأثر بما قرأ من أخبار نابليون وغيره من ملوك أوربة في مباذلهم وإسفافهم، وبما كتب الكاتبون من الإفرنج في الاعتذار عنهم، لتخفيف آثامهم بما كان لهم من عظمة، وبما أسدوا إلى أممهم من فتوح وأيادٍ، حتى يظن بالمسلمين الأولين أنهم أمثال هؤلاء فيقول: "إن التزمُّت في تطبيق التشريع لا يجب أن يتناول النوابغ والعلماء من أمثال خالد"! ! ! وهذا قول يهدم كلَّ دِين وكلَّ خلق.

إن هذه النظرية، نظرية تبرير الجرائم والمنكرات، بعظمة العظماء، ونبوغ النوابغ وارتفاع الزعماء، وآثار القادة والكبراء، نظرية خطيرة، لا تقوم معها للأمم قائمة تنحدر بها إلى مهاوي

<<  <  ج: ص:  >  >>