خالفه، ولو بلغ عمر هذا صار إليه، إن شاء الله، بتقواه لله، وتأديته الواجب عليه في اتباع أمر رسول الله، وعلمه، وبأن ليس لأحدٍ مع رسول الله أمر، وأن طاعة الله في اتباع أمر رسول الله". وسيرة عمر في السنة معروفة، كان يجتهد فيما يعرض له، مما ليس فيه نص كتاب ولا يعلم فيه سنة، فإذا بلغته سنة رسول الله، عدل عن رأيه واتبع السنة، بل هو كان أشدَّ اتباعًا للسنة وتمسكًا بها في كل شأنه، وأقوى حجةً في ذلك موقفه حين مقتله؛ إذ يستدبر الدنيا ويستقبل الآخرة، قال له ابنه عبد الله بن عمر: "إني سمعت الناس يقولون مقالة فآليت أن أقولها لكم، زعموا أنك غير مستخلف. فوضع رأسه ساعة ثم رفعه فقال: إن الله عَزَّ وَجَلَّ يحفظ دينه، وإني إنْ لا أستخلف فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يستخلف، وإن أستخلف فإن أبا بكر قد استخلف. قال: فوالله ما هو إلا أن ذكر رسول الله وأبا بكر فعلمت أنه لم يكن يَعدلُ برسول الله أحدًا، وأنه غير مستخلف". وهذا حديث صحيح جدًّا، رواه الإمام أحمد في مسنده (ج ١ ص ٤٧) ورواه أيضًا مسلم في صحيحه (ج ٢ ص ٨٠ - ٨١) وأبو داود في السنن (ج ٣ ص ٩٣ - ٩٤ من شرح عون المعبود) ورواه أيضًا البخاري مختصرًا (ج ٩ ص ٨١ من الطبعة السلطانية). فهذا عمله كما ترى في شيء سلبي سكوتيّ، لم يستخلف رسول الله، ولكنه لم يَنْهَ عن الاستخلاف، واستخلف أبو بكر، وهو الصاحب الأول، والوزير الأول، والخليفة الأول، وهو كان أعلم برسول الله من عمر ومن غير عمر من الصحابة، وأقرَّه عمر