وأقرَّه المسلمون جميعًا فكان اتفاقًا منهم على أن الاستخلاف جائز غير ممنوع، ومع ذلك فإن عمر أبى إلَّا أن يتبع فعل رسول الله في ترك الاستخلاف، وعَرف ذلك منه ابنه عبد الله، وهو أعرف الناس به "فوالله ما هو إلا أن ذكر رسول الله وأبا بكر فعلمت أنه لم يكن يعدل برسول الله أحدًا" فهذا هو عمر وعلى حقيقته "بتقواه لله، وتأديته الواجب عليه في اتباع أمر رسول الله، وعلمه" كما وصفه الشافعي حقًّا، لا على الصفة المنكرة التي اخترعها المؤلف، أنه يلعبُ بالسُّنة برأيه، فيفرق بين الثابت على الزمن وبين ما قضت به أحداث الوقت، فيراجعه ويعيد النظر فيه، توهمًا من المؤلف - لا اقتناعًا من عمر - "أن رسول الله لو امتدَّ به الأجل لراجعه وأعاد النظر فيه"! ! وهذا هو عمر التابع المطيع والخادم الأمين، ليس كما يصوّره المؤلف، مخالفًا كلَّ نصًّ وكل معقول، أنه أتمَّ على الأرض هذه الرسالة! ! وعمر يعلم أن الله أنزل على رسوله في يوم عيد، يوم عرفة يوم الجمعة في عرفة {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}[المائدة: ٣].
٢٢ - (ج ٢ ص ٢٢٢) يتحدَّث المؤلف عن عمر يقول: "ولقد كان يرى نفسه مسؤولًا أمام ضميره وأمام الله". وهذا تعبير إفرنجيّ مستحدث، ومعنى باطل لا يعرفه عمر ولا يعرفه الإسلام، فإنما الذي يدين الناس ويسألهم عن أعمالهم، والذي يجب عليهم أن يتقوه ويخشوه هو الله وحده.