للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مع الثمانين عاثَ الدَّهْرُ في جَلَدِي ... وساءَنِي ضَعْفُ رِجْلِي واضطرابِ يَدِي

إذا كَتَبْتُ فَخَطِّي جِدُّ مضطرب ... كَخَطِّ مُرْتَعِشِ الْكَفَّيْنِ مُرْتَعِدِ

فاعْجَبْ لِضَعْفِ يَدِي عَنْ حَمْلِها قَلَمًا ... مِنْ بَعْدِ حَطْمِ الْقَنا فِي لُبَّةِ الْأَسَدِ

وَإِنْ مَشيتُ وفِي كَفِّي الْعَصا ثَقُلَتْ ... رِجْلي، كأنِّي أَخُوضُ الْوَحلَ فِي الجلدِ

فَقُلْ لِمَنْ يَتَمَنَّى طُولَ مُدَّتِهِ: ... هَذِي عَواقِبُ طُولِ الْعُمْرِ والْمَدَدِ

(الاعتبار ص ١٦٣ - ١٦٤).

وقد عمر أسامة عمرًا طويلًا، عاش ٢٥ يوم ٢ شهر ٩٦ سنة؛ لأنه ولد يوم الأحد ٢٧ جمادى الآخرة سنة ٤٨٨ (يوليو سنة ١٠٩٥) ومات ليلة الثلاثاء ٢٣ رمضان سنة ٥٨٤ (نوفمبر سنة ١١٨٨). وكان المستشار الحربي لصلاح الدين الأيوبي، بما نال من خبرة طويلة، في الحرب والسياسة، وبما خاض من غمار الحروب الصليبية، وقد نشأ في عنفوانها، نقل أبو شامة في الروضتين (ج ١ ص ٢٦٤) عن العماد الكاتب، مؤرخ صلاح الدين ولسانه الناطق، يصف مجيء أسامة إلى دمشق باستدعاء صلاح الدين، وهو شيخ قد جاوز الثمانين، قال: "فلما جاء مؤيد الدولة - يعني أسامة، فذا لقبه - أنزله أرحب منزل، وأورده أعذب منهل، وملكه من أعمال المعرفة ضيعة زعم أنها كانت قديمًا تجري في أملاكه، وأعطاه بدمشق دارًا وإدارًا، وإذا كان - يعني السلطان صلاح الدين - بدمشق جالسه وآنسه، وذاكره في الأدب ودارسه، وكان ذا رأي وتجربة، وحنكة مهذبة، فهو

<<  <  ج: ص:  >  >>