يستشيره في نوائبه، ويستنير برأيه في غياهبه، وإذا غاب عنه في غزواته، كاتبه وأعلمه بواقعاته ووقعاته، واستخرج رأيه في كشف مهماته، وحل مشكلاته".
فهذا الفارس كما قال المؤلف في تصدير الكتاب: "مثل أعلى للفروسية العربية التي ثقفها الغربيون عن فرسان العرب زمن الحروب الصليبية، فهو فارس حمل علم الجهاد في أعنف صراع شهده العالم الإسلامي، حينما وجه الغرب حملاته الصليبية عليه لانتزاع بيت المقدس". فهو جدير بأن يترجم وتدرس حياته وأحواله وآراؤه السياسية والاجتماعية والعلمية دراسة واسعة وافية؛ ليكون مثالًا يحتذى، وكما قال المؤلف أيضًا: "فنحن إذ ندرس سيرة أسامة بن منقذ، ندرس الخطوات التي خطاها العالم الإسلامي في جمع شمله وتوحيد صفوفه، حين نهض ليرد عادية الصليبيين، ويزيد في شأن هذه الدراسة التاريخية، قدرًا أن أسامة نفسه قد خلف في كتابه "الاعتبار" صورة لأحداث عصره، وقد اعتمد عليه كثير من المؤرخين في دراساتهم لهذه الحقبة الصاخبة من تاريخ الجهاد الإسلامي".
وهذا الكتاب سيرة ممتعة، درس فيها المؤلف حياة أسامة وحياة أسرته، والعصر الذي نشأ فيه، وتتبع آثاره العلمية والأدبية تتبعًا لا بأس به، وعني بتحقيق مسائل تاريخية هامة، وعني بجمع كثير من شعر أسامة، فقد كان شاعرًا فحلًا، وله ديوان مفقود، رآه ابن خلكان بخطه في مجلدين، وليت المؤلف أو غيره من الباحثين المتقنين ينشط