ثم ما هذه الخدعة، خدعة التدوين؟ أفنظن أن التدوين أمارة الصحة؟ ! من قال هذا؟ ثم يقال هذا في عصرنا الذي انتشرت فيه الأكاذيب المدونة، من أخبار الصحف، ومن القصص الخيالي والتمثيل والسينما، ومن افتعال الأخبار في كل شيء، على الأحياء والأموات، مما جاءنا من أوربة، أو قلدنا فيه أوربة؟ حتى إن بعض من ينتسبون إلى الإسلام ذهب بهم التقليد ودفعتهم الجرأة إلى الكذب على رسول الله وعلى أصحابه، بما يزعمون أنهم يقربون التاريخ الإسلامي إلى البسطاء من القراء، فذهبوا يتخيلون القصص عنهم، ويضعون الكذب على ألسنتهم، ويقوّلون رسول الله ما لم يقل، ويقوّلون أصحابه وأئمة الإسلام ما لم يقولوا! ! هذا هو التدوين الذي يريدون أن يتخذوه تكأة لهدم الصرح الشامخ، والمجد السامق، من الأحاديث الثابتة، ومن التاريخ الإسلامي الصحيح! !
انظروا أيها الناس إلى تاريخ أئمة الهدى من الصحابة والتابعين فمن بعدهم، في خوفهم من الله، وفي خلقهم وفي معاملتهم، ويكفيكم معاملتهم لأعدائهم في عصر الفتوح، ورأفتهم ورحمتهم بالضعفاء من النساء والولدان والشيوخ والرهبان ونحوهم، ثم وازنوا بينهم وبين تواريخ الأمم التي تعظمونها وتقلدونها في كل ما تقول وتفعل، في قديمهم، وقد كانوا في جهالة عمياء، وكانوا عباد الشهوات، لا يعرفون حرامًا من حلال، ولا يتورعون عن شيء، وفي حديثهم، ويا ويل ما رأيتم من حديثهم.