للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دينهم، وما تواتر لديهم قولًا وعملًا من سنة رسول الله، ثم نفوا من الرواية ما خالف شيئًا من هذا، واحتاطوا في ذلك أشد حيطة، فلم يدعوا منفذًا لكذاب أو مخادع، حتى كانوا إذا ما كثر في رواية راو من الرواة شذوذ ما يرويه ومخالفته أسقطوا كل روايته، مهما يكن مبلغ صلاحه وتقواه والثقة به، يرفضون كل ما يروي مما وافق ومما خالف، إذا عرفوا عنه كثرة رواية الروايات المنكرة المخالفة.

وهذا فن طويل عويص، يريد المستشرقون وأتباعهم أن ينفوه ويسقطوه بكلمة واحدة ظاهرها الفتنة: أن هذه الأحاديث لم تدون إلّا بعد عصر النبي بأمد طويل! !

وما درى المغرورون بهم، والمخدوعون بقولهم، أن معنى هذا أن الأمة الإسلامية كلها؛ من أئمة الحديث والفقه، ومن أعلام البحث والتحقيق، ومن الصحابة والتابعين وأتباعهم كانوا رجالًا كذابين مخادعين منافقين، لا يتورعون عن الكذب في دينهم، والافتراء على رسولهم، وهدم هذا المجد العظيم الذي خصهم الله به، ببعثة رسوله محمد - صلى الله عليه وسلم - إليهم، وحاشاهم من ذلك، وهم أعرف بالله ودينه، وأتقى لله من أن يرضوا لأنفسهم نقيصة الكذب والافتراء، وهم الذين جاؤونا بالصلاة والزكاة والحج وشرائع الإسلام عن رسول الله، فإذا ما كذبوا في بعض الأمر ارتفعت الثقة بكل شيء، وسقط كل ما جاؤوا به من الحق. ولا يقول هذا مسلم، بل لا يقوله عاقل.

<<  <  ج: ص:  >  >>