أحكام شرعية خطيرة الأثر، منها جواز تزويج الصغيرة للكبير، ومنها أن الصغيرة يلي أمر تزويجها وليها؛ إذ هي لا تملك أمر نفسها، ومنها أن البناء بالصغيرة جائز حلال، إلى غير ذلك من الأحكام، وأن إنكاره ما فيها إنكار لكل ما يستنبط منها بالطريق العلمي في الاستنباط، ونسبة شيء إلى رسول الله لم يثبت بالطريق الصحيح للإثبات، بل ثبت ضده ونقيضه، فإن لم يدرك هذا كله فقد أبلغناه، وما علينا من زوره من شيء.
وبعد: فما الذي دفع به إلى هذه المضايق، وأورده هذه الموارد وأقحمه؟ يظن أنه يسوغ عمله إذ يقول:"ذلك هو التقدير الراجح الذي ينفي ما تقوَّله المستشرقون على النبي بصدد زواج عائشة في سن الطفولة الباكرة"(كتاب الصديقة ص ٦٦)، ويقول:"وإنما عنانا أن نبطل قول القادحين في النبي أنه - عليه السلام - بنى ببنت صغيرة لا تصلح للزواج، وقد أبطلنا ذلك بالأدلة التي لا نكررها هنا"(الرسالة في العدد ٥٥٩). هذا عذره الظاهر لنا من كلامه، وليس لنا أن نخوض فيما وراءه.
ولكن أهذا هكذا؟ قال مستشرق، أو طعن مبشر، أو قدح ملحد، فقال أحدهم ما شاء من قدح في عمل بعينه، أفترى أنت هذا العمل معيبًا يجب التبرؤ منه، أم تراه جائزًا لا شيء فيه، ولا غبار على من يعمله، وأن العائب إنما ينظر إليه من ناحية غير صحيحة، وبعين مغرضة ليست بريئة، أفلا ترى أنك إذا نفيت هذا العمل