العربي، فإن من خصائصه أن الرسم الواحد للكلمة الواحدة قد يقرأ بأشكال مختلفة تبعًا للنقط فوق الحروف أو تحتها، كما أن عدم وجود الحركات النحوية وفقدان الشكل في الخط العربي يمكن أن يجعل للكلمة حالات مختلفة من ناحية موقعها من الإعراب، فهذه التكميلات للرسم الكتابي، ثم هذه الاختلافات في الحركات والشكل، كل ذلك كان السبب الأول لظهور حركة القراءات فيما أهمل نقطه أو شكله من القرآن).
ألا ترون أيها الناس في هذا الكلام الروح الذي أوحى بالطعن في الرسم العربي، وأوحى باقتراح تيسيره أو تغييره، وأوحى بالتخير في القراءات بالهوى والرغبة؟
لست أزعم أن هؤلاء التابعين المقلدين أخذوا من جولدزيهر في هذا الكتاب، أو أخذوا من نولدكه في ذاك الكتاب، فلعلهم لم يقرؤوا الكتابين ولا سمعوا بهما، ولم يكن جولدزيهر ولا نولدكه أول من افترى هذه الفرية على القرآن وعلى قراء القرآن وعلى علماء الإسلام؛ فإن هذا الرأي معروف عن المستشرقين، نعرفه عنهم منذ عهد بعيد، وعليه تدور آراؤهم وأقاويلهم في القرآن والقراءات، وفي روايات الحديث وأسانيد المحدِّثين.
ذلك بأنهم أصحاب هوى، وذلك بأنهم لا يؤمنون بصدق رسالة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وذلك بأنهم يؤمنون بأن أصحاب رسول الله وتابعيهم من بعدهم لا خلاق لهم، يصدرون عن هوى وعصبية؛ فيظنون فيهم ما