أصول الفقه، ولو بالقدر الذي يعلم في كلية الحقوق لطلاب القانون، ولكن الباشا أتى بالعجب العجاب فإنه أراد أن يجادل أحد الرادين عليه، وأراد أن يذكر الأدلة الشرعية الأربعة المعروفة: الكتاب والسنة والقياس والإجماع؛ فذكر الثلاثة الأول وقال عن الإجماع (ص ٢٧) ما نصه: "ثم نظروا - يعني المسلمين - فوجدوا أن أحوالًا قائمة أو تقوم في الناس، وعلى الأخص فيما فتحها المسلمون من الأمصار، من عادات في آداب السلوك وفي كيفية تناول وسائل الحياة والاستمتاع بها، ومن اصطلاحات ومواضعات وعرف في المعاملات لم يأمر بها كتاب ولا سنة، ولم يمنع منها كتاب ولا سنة، فأوجبوا بقاء تلك الأحوال ما هو قائم منها وما يقوم واعتبارها أصلًا يصار إليه إذا حدث بسبب حال منها نزاع، وسموا علة هذا الاعتبار الإجماع، وجعلوه من أدلة التشريع الإسلامي ومصادره"! !
ولست أحب أن أجادله في النظرية التي أتى بها: أصحيحة أم باطلة؟ وإنما أحب أن أسائله عن صحة نقله؛ فإنه نقل أن المسلمين عملوا هذا الذي زعم وأنهم سموه إجماعًا. فهو ينسب هذه النظرية لعلماء الإسلام على أنها هي الإجماع الذي يحتجون به ويجعلونه أحد الأدلة الأربعة، أي أنه يجعل هذا هو تعريف الإجماع عندهم، والذين بحثوا في الإجماع واستدلوا به واعتبروه أحد الأدلة هم علماء الفقه وعلماء الأصول.
فأنا أسأل معاليه: أين وجد في كتاب من كتب الفقه أو من كتب