وصدقوا - لا تجد الآن في المدارس كلمة في تعليم الدين وتهذيب النفوس، حتى المدارس الابتدائية، وطلبتها أطفال، ليس فيها من ذلك إلا قشور إن لم تضر لم تنفع، ثم جعلوا درس الدين في آخر اليوم بعد أن يسأم الطفل ويملّ، وجعلوه علمًا إضافيًا - لا امتحان فيه - فأهمله المدرسون، وكثير منهم يشغل هذا الوقت الضئيل بتقوية الطلاب في العلم الذي يمتحنون فيه، ويسأل عنه إذا ساءت نتيجة الامتحان، هذه حقائق يعلمها كل من له أولاد في المدارس ويشعر بآثارها السيئة في نفوس الطلاب وأخلاقهم وآدابهم.
وبعد كل هذا يدخل الطالب المدارس الثانوية فينسى المسكين الكلمات القليلة التي حفظها في المدرسة الأولى، ولم ترسخ في عقله ولم تتشربها نفسه، فما يكاد يشبّ حتى تتناوله أيدي الشياطين من إخوانه وغيرهم، فإذا به مهيأ للإلحاد.
ثم لا يدخل المدارس العالية - قل: الجامعة - حتى يكون من أساطين الملحدين المجددين، فدينه محقر في نظره السامي!
وأهله جامدون، ومعلموه المتمسكون بدينهم رجعيون، وهو وحده النابغ. ولن أسترسل في وصف ما صرنا إليه من هذه الحال؛ فإنه معروف لكل من يخالطهم ويسمع آراءهم ويحضر محاضراتهم.
هذا هو الأكثر الأغلب إلا من هدى الله.
إثم كل هذه السيئات في عنق من يستطيع المداواة ثم لا يفعل.