لم يتردد في نفي هذا الغرق، وفي وصفه بأنه (خرافة)! ..
وسنسوق في هذه المسألة الخطيرة كلامه بالنص، على طوله وتهافته ليظهر مرماه واضحًا غير محتمل لتأويل أو تحريف، وقد ذكر المؤلف أسماء المدن والأماكن التي سار فيها بنو إسرائيل "كما ذكرت في التوراة"، ثم تناولها بالبحث "واحدًا فواحدًا على حسب ترتيبها الطبيعي"(ص ١٢١ - ١٣٥) مما لا يهمنا بشيء؛ لأنه كله تخرص من غير دليل ولا حجة، وهو عندنا إلى البطلان أقرب منه إلى الصحة.
وتكلم أثناء ذلك (ص ١٢٧ - ١٢٨) في شأن (بحر سوف) فقال:
"بحر سوف (يام سوف، أو يمّ البوص): يعتقد كثير من الكتاب الذين تناولوا موضوع خروج بني إسرائيل، أن (بحر سوف) هذا هو البحر الأحمر، بيد أن الحقائق التاريخية والبحوث الحديثة تكشف عن غير ذلك، وسنتحدث هنا عن كل ذلك ببعض الاختصار. كتبت التوراة في الأصل باللغة العبرية، وفي خلال القرن الثالث قبل الميلاد أمر بطليموس الثالث - على ما يقال - بترجمة هذا الكتاب إلى اللغة الإغريقية، وهذه الترجمة تعرف بالترجمة السبعينية نسبة إلى الكهنة السبعين الذين ترجموها، ومما يؤسف له جدّ الأسف؛ أنه لم تصل إلينا نسخة واحدة من الأصل القديم الذي ترجم عنه، وأقدم نسخة لدينا بالعبرية يرجع عهدها إلى القرن العاشر الميلادي، وبالموازنة بين النسختين وجد أنه لم تحدث اختلافات كبيرة بين نسخة القرن الثالث قبل الميلاد المترجمة، ونسخة القرن العاشر بعد الميلاد. وحيثما