رأيت وشاهدت من اختلاف علماء الأمة في ما سبيله واحدة وأصله غير مختلف، فبحثت عن السبب الموجب للاختلاف، ولترك من ترك كثيرًا مما صح من السنن, فوضح لها بعد التفتيش والبحث أن كل واحد من العلماء ينسى كما ينسى البشر، وقد يحفظ الرجل الحديث ولا يحضره ذكره حتى يفتي بخلافه وقد يَعرِض هذا في آي القرآن.
ألا ترى أن عمر - رضي الله عنه - أمَر على المِنبر ألا يُزاد في مهور النساء على عدد ذكره مَيلًا إلى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يزد على ذلك العدد في مهور نسائه حتى ذكرته امرأة من جانب المسجد بقول الله - عز وجل -: {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا}[النساء: ٢٠]. فترك قوله، وقال: كل أحد أعلم منك حتى النساء.
وفي رواية أخرى: امرأة أصابت ورجل أخطأ. علمًا منه - رضي الله عنه - بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - وإن كان لم يزد في مهور النساء، فإنه لم يمنع مما سواه والآية أعم، وكذلك أمر - رضي الله عنه - برجم امرأة ولدت لستة أشهر فذكَّره علي قول الله - تعالى -: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا}[الأحقاف: ١٥]. مع قوله - تعالى -: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ}[البقرة: ٢٣٣]. فرجع عن الأمر برجمها، وهم أن يسطو بعيينة بن حصن؛ إذ جفا عليه حتى ذكره الحُر بن قيس بقول الله - عز وجل -: {وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}[الأعراف: ١٩٩]. فأمسك عمر. وقال - رضي الله عنه - يوم مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: والله ما مات رسول الله ولا يموت حتى يكون آخرنا، حتى قُرئت