عليه: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (٣٠)} [الزمر: ٣٠]. فرجع عن ذلك، وقد كان علم الآية، ولكنه نسيها لعظيم الخطب الوارد عليه، فهذا وجه عمدته (١)(كذا) الخلاف للآية أو للسنة بنسيان لا بقصد.
وقد يذكر العامل الآية أو السنة لكن يتأول فيها تأويلًا من خصوص أو نسخ أو معنًى ما، وإن كان كل ذلك يحتاج إلى دليل، ولا شك أن الصحابة - رضي الله عنهم - كانوا بالمدينة حوله - عليه السلام - مجتمعين، وكانوا ذوي معايش، يطلبونها، وفي ضَنْك من القوت؛ فمن متحرف في الأسواق، ومن قائم على نخله، ويحضره - عليه السلام - في كل وقت منهم طائفة إذا وجدوا أدنى مما هم بسبيله، وقد نص على ذلك أبو هريرة - رضي الله عنه - فقال: إن إخواني من المهاجرين كان يشغلهم الصَّفْق بالأسواق، وإن إخواني من الأنصار كان يشغلهم القيام على نخلهم، وكنت امرءًا مسكينًا أصحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ملء بطني.
وقد قال عمر - رضي الله عنه -: ألهاني الصفق في الأسواق في حديث استئذان أبي موسى. فكان - عليه السلام - يُسأل عن المسألة ويحكم بالحكم، ويأمر بالشيء ويفعل الشيء، فيحفظه من حضره ويغيب عن من غاب عنه، فلما مات - عليه السلام - وولي أبو بكر - رضي الله عنه - كان إذا جاءت القضية ليس عنده فيها نص، سأل من بحضرته من الصحابة فيها، فإن وجد عندهم نصًّا رجع إليه، وإلا
(١) ربما كان الأصل (فهذا وجه ما عمدته الخلاف) إلخ.