جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ}. [آية ٦] , وكذلك في قوله تعالى في سورة النساء {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ}[آية ٤٣]. على القراءتين في الآيتين، فقد قرأهما حمزة والكسائي وخلف [لمستم] بغير ألف، وقرأها باقي القراء العشرة [لامستم] بالألف.
قال ابن رشد في بداية المجتهد (١، ٢٩) وسبب اختلافهم في هذه المسألة اشتراك اسم اللمس في كلام العرب: فإن العرب تطلقه مرة على اللمس الذي هو باليد، ومرة تكني به عن الجماع، فذهب قوم إلى أن اللمس الموجب للطهارة في آية الوضوء هو الجماع في قوله تعالى:{أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ}. وذهب آخرون إلى أنه اللمس باليد.
ثم قال: "وقد احتج من أوجب الوضوء من المس باليد بأن اللمس ينطلق حقيقة على اللمس باليد، وينطلق مجازًا على الجماع، وأنه إذا تردد اللفظ بين الحقيقة والمجاز فالأولى أن يحمل على الحقيقة، حتى يدل الدليل على المجاز، ولأولئك أن يقولوا: إن المجاز إذا أكثر استعماله كان أدل على المجاز منه على الحقيقة، كالحال في اسم الغائط الذي هو أدل على الحدث - الذي هو فيه مجاز - منه على المطمئن من الأرض، الذي هو فيه حقيقة. والذي أعتقده أن اللمس وإن كانت دلالته على المعنيين بالسواء أو قريبًا من السواء، أنه أظهر عندي في الجماع وإن كان مجازًا؛ لأن الله قد كنَّى