بالمباشرة والمس عن الجماع، وهما في معنى المس، وعلى هذا التأويل في الآية يحتج بها في إجازة التيمم للجنب دون تقدير تقديم فيها ولا تأخير، على ما سيأتي بعد، وترتفع المعارضة التي بين الآثار والآية على التأويل الآخر - يريد ابن رشد بالآثار هنا حديث عائشة في القبلة - وأما من فهم من الآية اللمسين معًا فضعيف؛ فإن العرب إذا خاطبت بالاسم المشترك إنما تقصد به معنى واحدًا من المعاني التي يدل عليها الاسم، لا جميع المعاني التي يدل عليها، وهذا بين بنفسه في كلامهم".
وهذا الذي قاله ابن رشد تحقيق دقيق، وبحث واضح نفيس؛ فإن سياق الآيتين لا يدل إلَّا على أن المراد المكنى عنه فقط، وكذلك قال الطبري في التفسير بعد حكاية القولين: "وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال: عني الله بقوله: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ}. الجماع دون غيره من معاني اللمس؛ لصحة الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ أنه قبَّل بعض نسائه ثم صلى ولم يتوضأ".
والقائمون على نصرة القول بأن اللمس ينقض، والتعصب له، والذب عنه، من الفقهاء والمحدثين: هم علماء الشافعية، والشافعي نفسه - رضي الله عنه - ذهب إلى هذا المذهب وقال به، ولكنه - فيما يبدوا لي من كلامه - يفسر الآية بذلك على شيء من الحذر، وكأنه يتحرج من الجزم به؛ إذ لم يصل إليه حديث صحيح في الباب، فإنه قال في الأم (١، ١٢) بعد ذكر آية المائدة: "فأشبه أن يكون