للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعاقدا في أصل النكاح في مقابل الصداق من الرجل للمرأة، وبذلك جاء نص القرآن الكريم: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ}. فشرع لهما الخلع والمبارأة، وكانت المرأة به بائنًا تملك أمر نفسها، وليس للرجل عليها حق المراجعة إلا بعقد جديد واتفاق آخر، ولم يكن عليه للمرأة حقوق أخرى من حقوق العقد، كالصداق والنفقة وغيرهما، إلا أن يتشارطا على شيء: فالمسلمون عند شروطهم".

"واختار الله لعباده - لحكمة سامية - أن يستثنى النكاح من القاعدة العامة في فسخ العقود، فأباح للرجل أن ينفرد بفسخ هذا العقد بإرادته وحده، بشرائط خاصة ونظام واضح (١)، ورتب لكل من المتعاقدين حقوقًا قبل صاحبه، لا يجوز لأحدهما أن يتهرب منها، فمن وقف عند حدود الله وفسخ عقد النكاح الذي بينه وبين زوجه في دائرة الحدود والتي حد الله له، كان قد استعمل حقًّا يملكه بتمليك الله إياه، وجاز عمله، وترتبت عليه آثاره، ومن تجاوز حدود الله، واجترأ على حل عقدة النكاح على غير المنهج المرسوم له، وكان


(١) قلنا في حاشية (ص ١٥) من الكتاب: يظن أكثر الباحثين أن الطلاق الرجعي ليس حلًّا لعقد النكاح، وأن الرجعية لا تزال زوجًا؛ لأن آثار العقد باقية بينهما، وهو وهم، بل الطلاق يزيل عقد النكاح، سواء الرجعي وغيره. ونقل ابن حجر في الفتح (ج ٩ ص ٤٢٦) عن ابن السمعاني قال: "الحق أن القياس يقتضي أن الطلاق إذا وقع زال النكاح، كالعتق، لكن الشرع أثبت الرجعة في النكاح دون العتق فافترقا".

<<  <  ج: ص:  >  >>