عابثًا، وكان عمله باطلًا لغوًا، كما إذا انفرد أحد المتعاقدين بإلغاء عقد البيع أو عقد الرهن مثلًا، فإن عمله لاغ لا أثر له في العقد، فكذلك المطلق في غير الحدود التي أذن فيها".
وقلت أيضًا (ص ٧١): "إذن، فقد منح الله الرجل حق الانفراد بالطلاق، وهو حل لعقدة النكاح: بين الزوجين عقد كسائر العقود، وهو عقد الزواج، فإذا أراد أن يطلق بمحض إرادته وحده، فلن يملك من ذلك إلا أن يتبع أمر ربه الذي شرع له هذا الحق وأذن به".
فهذا التفسير لمعنى الطلاق ولمعنى الرجعة، هو المطابق كل المطابقة لنصوص القرآن الكريم، ولمقاصد الشارع الحكيم، ولقواعد العقل السليم، وللفقه الصحيح في الدين، وليس من المعقول أن ترك هذه الشريعة الدقيقة - شريعة الطلاق والرجعة - لأهواء الناس وآرائهم وألاعيبهم في الألفاظ إنما هي مقاصد سامية، تتعلق بأدق الشؤون الاجتماعية، وأشدها خطرًا في حياة الإنسان، وأشرف الروابط بين الناس، وأعلاها وأنفعها للنوع الإنساني، وهي رابطة الحياة الزوجية، {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}[الروم: ٢١].
فلم يكن الطلاق - في الشريعة الإسلامية - حقًّا مطلقًا للرجل من غير قيد، كما يفعل ذلك أكثر الناس، بل عامتهم، وإنما هو مقيد بقيود كثيرة، بعضها قيود في نفس إنشائه وإيقاعه، وهي شروط في صحته عندي، وفي رأي بعضها قيود تعلق بحال المطلق وظروف