بل هي مقيدة بقيود كالطلاق، ولكنها أقل قيودًا منه، تيسيرًا من الشارع الحكيم، وترغيبًا في وصل ما انقطع من علائق الزوجية؛ فمن قيودها ما هو راجع لأصل إيقاع الفعل وإنشائه، فيكون شرطًا في صحته، وكلها منصوص عليه في القرآن نصًّا، فمن ذلك ما اتفق عليه أهل العلم ولم ينقل فيه خلاف عن أحد منهم، وهو أن تكون المطلقة مدخولًا بها، وألا يكون ذلك بعد الطلقة الثالثة، وأن تكون الرجعة وهي في عدة المطلق أيضًا.
ومن ذلك ما اختلف فيه، واخترنا أنه شرط في صحة الخلع أيضًا ونصرنا القول به، وهو أن تكون الرجعة بإشهاد شاهدين على ما بينا آنفًا {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ}. وأن يريد برجعتها إصلاح ما أفسد الطلاق، وإصلاح حاله وحالها {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا}. لا يقصد بها الإضرار والعدوان {وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا}.
وقد بينا ذلك في كتابنا بوضوح (ص ١٢١، ١٢٤) ومما قلنا هناك: "إن الطلاق والرجعة بإرادة الرجل وحده عملان مستثنيان من القواعد العامة، أذنه الله بهما بصفات خاصة، فلا يملك منهما إلا ما أذن به، والشأن هنا في الرجعة أقوى؛ لأن الله سبحانه يجعل الرجل أحق بها بشرط صريح، وهو إرادة الإصلاح، فإذا تخلف الشرط لم يكن الرجل أحق بردها فصار لا يملك هذا الحق".
وهذا الذي اخترناه وذهبنا إليه لا ينافي ما ذكره أستاذنا شيخ