للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الزوج المعسر أو المحبوس أو نحو ذلك. ثم عرض الوالد أمرها على شيخه المفتي، واقترح عليه اقتباس بعض الأحكام من مذهب الإمام مالك في مثل هذه المشاكل المعضلة، فأبى الشيخ كل الإباء، واستنكر هذا الرأي أشد استنكار، وكان بين الأستاذ وتلميذه جدال حادٌّ في هذا الشأن، ولكنهُ لم يؤثر في ما كان بينهما من مودة وعطف، وما زال مقتنعًا برأيه، واثقًا بصحتهِ وفائدتهِ للناس.

حتى كانت سنة ١٨٩٩ وقد مكث في المحاكم الشرعية نحو خمس سنوات، وظهر على كثير من عيوبها، وما يرهق الناس من أحكامها، سواء أكان ذلك في التشريع المعمول به، وهو التقيد بمذهب أبي حنيفة، أستغفر الله، بل التقيد بما قال علماء من متأخري اتباعهِ، والتمسك بألفاظهم الحرفية، أم كان في سوء اختيار عمالها، من قضاة وغيرهم، أم كان في إجراءاتها المعقدة المطولة، أم كان في نظمها وحقارة أمكنتها، أم كان في إعراض الحكومات المصرية عن العمل على إصلاحها اتباعًا لسياسة مرسومة في القضاء عليها تقليدًا للإفرنج، ولمن أشربوا آراءهم وعقائدهم، رأى الوالد كل هذا وأكثر منهُ، فوضع تقريرًا نفيسًا قدمهُ لأستاذه الإمام الحكيم الشيخ محمد عبده مفتي الديار المصرية - رحمة الله عليه - نقد فيه هذه المحاكم وقضاتها وعمالها وكل حالاتها، وأبان عن أوجه النقصِ والخطأ في اللائحة التي كان معمولًا بها في ذلك الوقت، واقترح طرق الإصلاح تفصيلًا، ومنها اقتباس بعض الأحكام من مذهب

<<  <  ج: ص:  >  >>