تنفيذها ناس جهلوا دينهم فأعرض عنهُ بعضهم وعاداه بعضهم، لولا هذا لسار في القضاء الشرعي سيرة تمكّن لهُ في البلاد أن يكون القضاء العامَّ في الشؤون كلها، من مدنية وجنائية وشخصية، ليكون الحكم في بلاد الإسلام بشريعة الإسلام، كما هو الواجب على كل مسلم أن يعمل لهُ، طاعة لله ورسوله، ولا تزال آثاره في السودان قائمة، يسترشد بها العلماء والقضاة والحكام، ولا يزال أهل السودان - وهم أهلنا وإخواننا - يحفظون لهُ أجمل الذكرى، ويعرفون لهُ مواقفه الحازمة في خدمة البلاد ونصر الإسلام، ويحفظون لهُ أنهُ لم يشغلهُ القضاءُ، ولم يلهه المنصب السامي عن تعليم الناس شؤون دينهم، بالدروس العلمية والخطب والمواعظ، وقرأ لهم صحيح البخاري كله، وهو أصح مصدر للسنَّة النبوية.
* * *
ثم في ٢٦ أبريل سنة ١٩٠٤ صدر الأمر العالي بتعيينه شيخًا لعلماء إسكندرية، فبعث فيها نهضة علمية كانت فاتحة خير، بزغ نورها في أرجاء المملكة المصرية، وقصدها الطلاب من أطراف البلاد، وبث فيهم من روحه الوثابة، فأحياهم حياة أخرى غير ما كانوا يعرفون في المعاهد الدينية، وضع أسس النظم في التعليم، وأحسن اختيار الكتب والمقررات في الدراسة، من العلوم الدينية والعربية وما إليها، ومن العلوم الأخرى التي يحتاج إليها طالب العلم في ثقافته العامة، مما يسميه الناس "العلوم الحديثة" وأكثرها كان