إن حديث الإسراء والمعراج من الأحاديث الثابتة الصحيحة، وقد جاء بروايات كثيرة متواترة، منها المطول ومنها المختصر، ألفاظه مختلفة، وكلها تدل في مجموعها على صحة هذه الحادثة وعلى ثبوتها التاريخي، مما يسميه العلماء (التواتر المعنوي) وقد ورد من حديث أنس بن مالك، ومن حديث غيره من الصحابة، ونقل الحافظ ابن كثير في تفسيره (٥/ ٢٤٣) عن الحافظ أبي الخطاب عمر ابن دِحْية أنه ذكره من حديث أنس، ثم قال: وقد تواترت الروايات في حديث الإسراء عن عمر بن الخطاب وعلي وابن مسعود وأبي ذر ومالك بن صعصة وأبي هريرة وأبي سعية وابن عباس وشداد بن أوس وأبيّ بن كعب وعبد الرحمن بن قرط وأبي حية وأبي ليلى الأنصاريين وعبد الله بن عمرو وجابر وحذيفة وبريدة وأبي أيوب وأبي أمامة، وسمرة بن جندب وأبي الحمراء وصهيب الرومي وأم هانئ وعائشة وأسماء ابنتي أبي بكر الصديق، رضي الله عنهم أجمعين، منهم من ساقه بطوله، ومنهم من اختصره على ما وقع في المسانيد.
وإن لم تكن رواية بعضهم على شرط الصحة، فحديث الإسراء أجمع عليه المسلمون وأعرض عنه الزنادقة والملحدون: {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (٣٢)} [التوبة: ٣٢]. فهؤلاء ستة وعشرون صحابيًّا رووا حديث الإسراء، وقد جمع الحافظ ابن كثير أكثر رواياتهم بأسانيدها