للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القول بأي إسناد، والذي يبدو لي أن الذين نقلوا عنه هذا القول قرؤوا كلام ابن إسحاق وفهموه على غير وجهه؛ لأنه نقل روايتي عائشة ومعاوية، ثم احتج لتأييدهما بأنه لم ينكرهما أحد؛ لأن الحسن قال: إن قوله - تعالى -: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ} [الإسراء: ٦٠]. أنزل في ذلك، أي؛ الإسراء والمعراج، فهو يريد الاحتجاج بكلمة (الرؤيا) لغلبة استعمالها فيما كان منامًا، وبأنه إذا كانت الآية نزلت في هذه الحادثة كان ذلك لا ينفي قول من زعم أن الإسراء والمعراج لم يكونا في اليقظة، ففهم بعض من قرأ قوله: أنه ينقل عن الحسن ما يوافق كلمتي عائشة ومعاوية، وهذا فهم خطأ يظهر خطؤه واضحًا لمن تأمل سياق الكلام ومعناه.

وقوله - تعالى -: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ} [الإسراء: ٦٠]. نزل في شأن الإسراء والمعراج على القول الراجح عند العلماء، ولكن احتجاج ابن إسحاق بذلك لتأييد كلمتي عائشة ومعاوية غير جيد؛ لأن الرؤيا تستعمل أيضًا في الرؤية بالعين، ففي لسان العرب: قال ابن بري: وقد جاءت الرؤيا في اليقظة:

قال الراعي: فكبر للرؤيا وهش فؤاده وبشر نفسًا كان قبل يلومها وعليه فسر قوله - تعالى -: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ} [الإسراء: ٦٠].

وعليه قول أبي الطيب:

ورؤياك أحلى في العيون من الغمضِ

<<  <  ج: ص:  >  >>