شؤون الحكومات، وبما احتكروا من طرق التكسب الحر، واستغلوا الضعف الإنساني بالحاجة إلى طلب العيش، فأخرجوا لنا من صنع أيديهم رجالًا مسلمين تأبى نفوسهم أن تسلم بكثير من عقائد الإسلام، وما ورد في الكتاب والسنة، ويستنكرون بعض التشريعات الإسلامية بخصوصها في الحدود والربا وحجاب النساء والزواج والطلاق والمواريث والأوقاف، وهم يوقنون بأنهم مسلمون، ولا ترضى قلوبهم وضمائرهم أن ترتطم في لجة الردة من الإسلام، فترى فيهم حالة نفسية شاذة، وحيرة روحية غريبة، لا مخلص لهم منها ولا نجاة، ويمنعهم التكبر العلمي أن يخضعوا تفكيرهم لما يخالف ما نشأ عليه معلموهم خطوة خطوة، فلا يجدون أمامهم ليقنعوا أنفسهم ويرضوا ضمائرهم، إلا أن يتأولوا مخالف آرائهم من نصوص القرآن وظواهره، سواء احتملت التأويل أم لم تحتمل، وكان شأنهم في السنة عجبًا، فمنهم من يرفضها كلها ويريد أن يقنع الناس - قبل أن يقنع نفسه - بتكذيب كل الرواة وبوضع كل الأحاديث، ومنهم من يتأول ما أمكنه تأوله ثم يرفض سائرها.
أيها السادة:
كان من آثار هذه التعاليم ومن نتائج هذه الحيرة في كثير من المتعلمين ما ترون من التهالك على التجديد في الدين - زعموا - ومن محاولة إنكار وجود الملائكة والجن، وتأول النصوص الواردة في ذلك، ومن محاولة إنكار الخوارق الكونية التي جعلها الله - سبحانه -