معجزات أيد بها أنبياءه ورسله إلى الناس، بتأويلها إلى ما يخرجها عن وجه الإعجاز ويدخلها تحت مقدور الإنسان، ومن إنكار كل المعجزات الكونية التي أيد الله بها نبينا محمدًا - صلى الله عليه وسلم - والتي ثبتت عند المسلمين بالتواتر طبقة عن طبقة، مما لا يحتمل الشك أو التردد فضلًا عن تكذيبه كله تحكيمًا للعقل فيما يظنون.
أيها السادة:
إن العالم ليس محصورًا فيما يقع تحت الحس الإنساني فقط، ومن زعم ذلك فقد حد من قدرة الله، بل إنه لم يؤمن به؛ ولذلك وصف الله المتقين بأنهم {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ}[البقرة: ٣]. أي يؤمنون بما أخبرهم به الأنبياء مما خرج من إدراك البشر بقواهم المحدودة، وقد أخبرنا الله - سبحانه - في كتابه بصريح القول أنه أسرى بعبده من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، وأخبرنا الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنه عُرج به إلى السماوات، وأشار الله - سبحانه - إلى ذلك في القرآن، اقرؤوا قوله - تعالى -: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (١) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (٢) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (٤) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (٥) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (٦) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (٧) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (٨) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (٩) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (١٠) مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (١١) أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى (١٢) وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (١٣) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (١٤) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (١٥) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (١٦) مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (١٧) لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى (١٨)} [النجم: ١ - ١٨].