الأحاديث التي تجد فيها مشابهة لما ورد في القرآن مشكوك فيها! ! وهذا أقبح ألوان الافتراء، وأسقط أنواع الاستدلال، فإن المعقول الواضح أن الحديث الذي يوافق معنى القرآن، ويؤيده القرآن يكون معناه ثابتًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وإن لم يثبت لفظه ولم يقم إسناده، ولكن القوم لا يرمون إلى التحقيق العلمي، والبحث العقلي وإنما يرمون إلى التشكيك، ثم إلى الشك.
ومن الأمثلة الدالة على مقدار علمهم بإثبات الأحاديث ونفيها؛ أن كاتب مقال "أم الولد" الآتي في الدائرة، نقل حديثًا، ثم زعم أنه تأيدت صحته بما ورد في كتاب "كنز العمال" مع أن كنز العمال ليس كتابًا في رواية الحديث، بل هو مجموع لأحد المتأخرين من أهل الهند في النصف الثاني من القرن العاشر الهجري، وهو نفسه كتاب "الجامع الكبير" للسيوطي المتوفى سنة ٩١١ هـ ولكنه مرتب على الأبواب؛ لأن الجامع الكبير فهرس لأكثر كتب السنة، رتب مؤلفه الأحاديث على الحروف الهجائية في أوائل الألفاظ النبوية، وجمع فيه الصحيح والضعيف من غير بيان لقيمة كل واحد منها، ولكنه نسب الأحاديث إلى رواتها من كتب المحدثين، فهل يرى أي عاقل أن نقل الحديث في كنز العمال يؤيد نفس الحديث في مصدره الأصلي؟ ! .
ثم ترى نفس كاتب مقال "أم الولد" يجزم بكذب أحاديث صحيحة، وبعضها في الصحيحين "البخاري ومسلم".