بعد القرآن، وأحاديثهما لا شك في صحة شيء منها عند العلماء بهذا الشأن وبعض العلماء عني بجمع الأحاديث التي ثبت أنها مكذوبة على نبي الله - صلى الله عليه وسلم -، ليحذر الناس منها. وجمعوا أيضًا كل ما وصل إلى علمهم من أسماء الرواة وأنسابهم وأحوالهم وتفاصيل تراجمهم؛ ليكون الباحث على بينة من بحثه في صحة الحديث، وألفوا في كل هذا الدواوين الكبار في مئات من المجلدات بل آلاف، مما لا تجد النزر اليسير منه عند أية أمة من سائر الأمم.
أفبعد هذا العمل الضخم، والإنتاج الهائل العظيم يأتي أولئك المستشرقون ليسحروا أعين الناس، ويستهووا عقولهم، ويضعوا الغشاء على أبصارهم: فيزعموا أنه ليس في الإمكان التحقق من صحة أي حديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم يثبتوا الأحاديث وينفوها بما تشتهي أنفسهم، وترضى عقائدهم، ثم يلقوا على السُّنة كلها ظلالًا من الشك والريبة، بالهوى والبهتان، وبغير برهان ولا دليل؟ !
إن المطلع على أقوال هؤلاء الناس يراهم يقبلون من الأحاديث أضعفها سندًا وأوهاها رواية، وافق رأيهم وهواهم، وإن كان في كتاب من كتب التاريخ أو السير أو غيرها بدون إسناد، ويحكمون بالكذب والوضع على أكثر الأحاديث الصحاح، بما أجمع المسلمون على صحته وثبوته، ولن تجد لهم قاعدة أو خطة يسيرون عليها في قبول الأحاديث أو رفضها، وكما ترى كاتب هذا المقال: يزعم أن