لغته، ولن يصل إلى تحقيق ألفاظها ومعانيها، وإلَّا فأصل معنى الكلمة محدود، واختلاف المراد بها في الآيات مرجعه إلى القرائن الدالة على المعنى الذي هو داخل في المعنى الأصلي للكلمة، وهاك مثالًا لذلك؛ قول الإمام الراغب الأصفهاني في المفردات ص ٢١:"الأمة: كل جماعة يجمعهم أمر ما: إما دين واحد، أو زمان واحد، أو مكان واحد، سواء أكان ذلك الأمر الجامع تسخيرا أم اختيارا، وجمعها أمم، وقوله تعالى:{وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ}[الأنعام: ٣٨]. أي؛ كل نوع منها على طريقة قد سخرها الله عليها بالطبع، فهي من بين ناسجة كالعنكبوت، وبانية كالسرفة، ومدخرة كالنمل، ومعتمدة على قوت وقته كالعصفور والحمام إلى غير ذلك من الطبائع التي تخصص بها كل نوع، وقوله تعالى:{كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً}[البقرة: ٢١٣]. أي؛ صنفًا واحدًا وعلى طريقة واحدة في الضلال والكفر". ثم قال: وقوله: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ}[النحل: ١٢٠]. أي؛ قائمًا مقام جماعة في عبادة الله، نحو قولهم: فلان في نفسه قبيلة. وروي أنه يحشر زيد بن عمرو بن نفيل أمة واحدة".
قد يستغرب القارئ نقل نص أقوال الراغب؛ إذ إنها تقارب في الجملة ما نقله الكاتب هنا من معاني الكلمة وهذا صحيح، ولكني إنما نقلته لأدل على الفرق بين اللونين من التعبير؛ الراغب: رجل عالم مسلم كبير، فهو يكتب كتابة علمية مبنية على المعروف له من لغة العرب، مما وجده في كتب من سبقه من أئمة اللغة، ومن أقوال