المفسرين وغيرهم، وهم حفظة اللغة والدين، وكاتب هذا المقال: رجل مستشرق، أي؛ أنه يبحث في موضوع متعلق بلغة ليس له إلمام بأسرارها؛ ولذلك فهو يحاول أن يلقي في روع القارئ أن معاني هذه الكلمة في القرآن غير محددة وغير واضحة! !
نحن لا نرغم الكاتب ولا غيره أن يصدق بالإسلام، ولا أن يؤمن بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم، ولا أن يعتقد أن القرآن كتاب من عند الله، ولكنا نستطيع أن نحمله على احترام الحقائق التاريخية، وعلى احترام المنطق الصحيح، بالحجة والبرهان.
لست أظن أنه هو أو غيره بمستطيع ادعاء أن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - لم يكن عربيًّا خالص النسب، وأنه كان في عصر لم تختلط العجمة بألسنة العرب ولغتهم، وأنه كان أفصحهم وأعلمهم باللغة، وقد أتى قومه وهم أساطين البلاغة بهذا الكتاب، وتحداهم بأقصر سورة منه أن يأتوا بمثلها، وخاطبهم بلغتهم التي كانوا بها يفخرون، فآمن منهم من آمن، وكفر من كفر، ولكنا لم نسمع أن واحدًا منهم أنكر عليه شيئًا من لغة القرآن، أو زعم أنه يضطرب في تحديد معنى الكلمات، وأنه خرج عن المعاني المعروفة عندهم للألفاظ المفردة وحدها، أو للألفاظ متحدة مع غيرها في تركيب الجمل، ولو كان شيء من هذا، لكان أهون عليهم أن يردوا به قوله من أن يقولوا:{اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}[الأنفال: ٣٢]. وقد قالوا حين سمعوا القرآن يتلى عليهم: