بديهي، قال السهيلي في (الروض الأنف ج ٢، ص ٢٣٠): "وبكونه أميًّا في أمة أمية قامت الحجة وأفحم الجاحد، وانحسمت الشبهة".
وبذلك يظهر بطلان ما ادعاه كاتب المقال من أن إطلاق كلمة "أمي" على النبي ليس راجعًا إلى أنه لم يكن يعرف القراءة والكتابة، وهو لا يريد بذلك إلا الإشارة إلى ما يدعيه كثير من المغرضين من أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان قارئًا؛ ليصلوا بذلك إلى ادعاء أنه اقتبس دينه وكتابه من الأديان السابقة والكتب المتقدمة، وهذه دعوى تنافي كل ما ثبت بالتواتر القاطع من التاريخ الإسلامي، ولا تقوى على الثبات أمام أي سند تاريخي صحيح، وأظهر ما في ذلك لكل ناظر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حكى عن ربه أنه وصفه بصفة واضحة بينة هي أنه "أمي" ثم أوضح هذه الصفة بأجلى بيان: أنه ما كان يتلو قبل هذا القرآن شيئًا من الكتاب، ولا يحفظ منه شيئًا، وقد عاش في قومه إلى حين نزول هذه الآية - آية العنكبوت - نحو خمسين سنة، وهم يعرفونه ويعرفون أحواله وأخباره، لا يخفى عليهم منها شيء، وهم في قرية صغيرة، أهلها محصورون معروفون غير متكاثرين، ولا تزال هذه القرية قائمة إلى اليوم، ومن دخلها ورآها علم أنه إن أقام بها بضعة أشهر عرف أكثر أهلها، وأحاط بكثير من أخبارهم مفصلة، كالمعهود في القرى، مع ازدياد سكانها في هذه العصور، واختلاف أجناسهم ولغاتهم، بخلاف ما كان في أول عهد النبوة، فلو كان قومه يعلمون عنه معرفة شيء من القراءة والكتابة لكان لهم السبيل إلى نفي قوله، ولقامت عليه