مجمع "نيقية" في القرن الرابع الميلادي، فاعتبر المجمع أن هذه الكتب الأربعة المعروفة الآن هي الأناجيل الصحيحة، وبذلك صارت الكتبَ الرسمية للدين المسيحي، واعتَبَر ما عداها منحولًا أو غير صحيح، وهذه الكتب التي اعتبرت منحولة غير مشتهرة وغير معروفة تفصيلًا إلا قليلًا، فمن أين يعرفها العرب قبل الإسلام وعند بدء ظهوره؟ !
وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلًا أَميًّا لا يقرأ ولا يكتب، كما ثبت بالتواتر الصحيح في التاريخ، وكما نص الله عليه في القرآن الكريم، وقد أقمنا الحجة على ذلك فيما مضى من الدائرة في التعليق على مادة "أمي"(ص ٦٤٧ من المجلد الثاني). ثم أنعم الله عليه بالنبوة والرسالة، وبعثه إلى الناس كافة بهذا القرآن الكريم، وجعله مصدقًا لما بين يديه من التوراة والإنجيل وكتب الأنبياء السابقين، إجمالًا لها من غير تفصيل، وجعل كتابه "مُهَيْمِنًا" على هذه الكتب، أي رقيبًّا عليها كلها، كما قال تعالى في سورة المائدة [آية ٤٨]: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ}. وهذا الرجل الأمي لم يقرأ شيئًا من كتبهم، ولم يبلغه من الكتب التي في أيدي النصارى - مع ما فيها من الاختلاف - قليل ولا كثير، ومع ذلك فإنه لا يذكر إنجيل عيسى - عليه السلام - في القرآن إلا باللفظ المفرد "إنجيل"، فلو كان هذا القرآن من عند غير الله، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - عرف هذه الروايات؛ لجاء التَّعبير عنها في القرآن ولو مرة واحدة