الترجمة التي يدعي ابن العبري أنه "قام بها البطريق يوحنا بأمر الأمير عمرو بن سعد بين سنتي ٦٣١ و ٦٤٠ م" أي ما يوافق السنة التي قبل الهجرة إلى السنة ١٨ هـ: فهذا شيء لا سند له ولا قيمة، وأبو الفرج ابن العبري ليس حجة في مثل هذا النقل، ولا يوثق بشيء ينقله عن عصر بينه وبينه أكثر من (٦٠٠ سنة) ولم يسنده إلى نقل يقارب العصر المنقول عنه، فإنه عاش بين سنتي ٦٢٣ و ٦٨٥ هـ، ثم هذا ابن العبري رجل متعصب معروف بالتحامل على العرب وعلى المسلمين، وهو صاحب الحكاية الباطلة التي نقلها عن حرق عمرو بن العاص مكتبة الإسكندرية، حتى إن الدكتور (بَتْلَر) صرح بأنه "ليس من دليل على أن أصل هذه الرواية أقدم من أيام أبي الفرج"(انظر فتح العرب لمصر تعريب الأستاذ فريد أبو حديد ص ٣٥٠ طبعة سنة ١٩٣٣) فمثل هذا الرجل غير ثقة ولا مأمون على النقل، حتى لو نقل شيئًا عن عصره أو ما يقاربه، فضلًا عن تفرده بنقل يستند إلى ما قبل عصره بمئات السنين.
وأما كل ما أرجف به الكاتب ليصل إلى ما يدعيه من معرفة النبي - صلى الله عليه وسلم - بما يسمونه "الأناجيل" حتى يمكنه الإعلان بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - "كان أكثر معرفة بالأناجيل المنحولة منه بالأناجيل الصحيحة" وبأن "هذا الموضوع ليس إلا مسألة فرعية من المسألة العامة الخاصة بأصل الإسلام ومصادره"، فإنه شيء لا يثبت أمام النقد، ولا تؤيده أية حقيقة من حقائق التاريخ، وقد كان النصارى من قبل الإسلام بمئات السنين مختلفين في صحة الكتب التي يطلقون عليها اسم "الأناجيل" وهي أكثر من سبعين كتابًا، حتى تحكم فيهم الزعماء والرؤساء في