المواعظ وتوحيد الله وتمجيده والإرشاد لعبادته، وكان من اتبعوه من العوام، وأمثلهم حواريه، وهم من الصيادين، وقد اشتد اليهود في عداوتهم ومطاردتهم، فلم تكن لهم هيئة اجتماعية ذات قوة وعلم، تدون ما حفظوه من إنجيل المسيح وتحفظه، ويظهر من تاريخهم وكتبهم المقدسة أن كثيرًا من الناس كانوا يبثون بين الناس في عصرهم تعاليم باطلة عن المسيح، ومنهم من كتب في ذلك، حتى إن الذين كتبوا كتبًا سموها الأناجيل كثيرون جدًّا، كما صرحوا به في كتبهم المقدسة وتواريخ الكنيسة، وما ظهرت هذه الأناجيل الأربعة المعتمدة عندهم الآن إلا بعد ثلاثة قرون من تاريخ المسيح، عندما صار للنصارى دولة بدخول الملك قسطنطين في النصرانية، وإدخاله إياها في طور جديد من الوثنية. وهذه الأناجيل عبارة عن تاريخ ناقص للمسيح، وهي متعارضة متناقضة مجهولة الأصل والتاريخ، بل وقع الخلاف بينهم في مؤلفيها، واللغات التي ألفوها بها. وقد بينا في تفسير أول سورة آل عمران حقيقة إنجيل المسيح، وكون هذه الكتب لم تحو إلا قليلًا منه، كما تحتوي السيرة النبوية عندنا على القليل من القرآن والحديث، وهذا القليل من الإنجيل قد دخله التناقض والتحريف". ثم ذكر الأدلة على ذلك تفصيلًا، ثم قال (ص ٣٠١ - ٣٠٢): "فثبت بهذا البيان الوجيز صدق قول القرآن المجيد: {فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ}[المائدة: ١٤]. وثبت به أنه كلام الله ووحيه؛ إذ ليس هذا مما يعرف بالرأي حتى يقال: إن