ومن المضحك، بل مما يؤسف له؛ أن كاتب المقال لم يصن قلمه في مثل هذا البحث - الذي يزعمه بحثا علميًّا - عن ذكر الحانات.
وكان الأجدر به أن يَفْقَه أن ما يتحدث به السكارى في الحانات، وخاصةً الشعراء منهم، لا يصلح أن يكون أساسًا لدين عظيم يهدي إلى الله، ويعلم الناس الشرائع والمكارم، ويدعو إلى إعلاء كلمة الله، وإلى نشر الفضيلة وحرب الرذيلة، وإلى النهي عن الخمر والميسر وغيرهما من المنكرات، ويصفها بأنها رجس من عمل الشيطان.
وقد كان الأولى به، وهو يشرح مادة "إنجيل": أن يذكر تاريخ هذه الكتب التي بأيديهم أولًا، ثم يدعي بعد ذلك ما شاء من الدعاوي، ولكنه - فيما نظن - أحجم عن ذلك لئلا يكون نقضًا لكل ما يدعيه.
وقد ذكر أستاذنا الإمام العلامة السيد محمد رشيد رضا الكثير من تاريخها في مواضع متعددة من تفسيره، وكان - رحمه الله - من أعلم الناس في هذا العصر بتاريخها وبدراستها، هو وأستاذنا العلامة الكبير الشيخ عبد الوهاب النجار أطال الله بقاءه. وهاك قطرة من غيث مما قاله السيد رشيد - رحمه الله - (ج ٦ ص ٢٨٧ - ٢٨٨ من التفسير): "بَيّن الله لنا أن النصارى نسوا حظًّا مما ذكروا به كاليهود، وسبب ذلك أن المسيح - عليه السلام - لم يكتب ما ذكرهم به من