لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانت ظاهرة باهرة، فإن الخصوم كانوا عاجزين عن الطعن فيها، ولأجل غاية عجزهم عدلوا إلى هذه الكلمات الركيكة".
إن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - وقد ثبت لك أنه لم يتعلم شيئًا من كتب الأديان السابقة، ولم يدرس شيئًا من العلوم والمعارف: يخبرنا عن الله سبحانه أنه يقول في شأن النصارى وكتبهم: {وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ}[المائدة: ١٤]. أيمكنك أن تتصور أن هذا الأمي يحكم الحكم القاطع الصريح البين بأن النصارى نسوا الكثير مما ذكرهم به عيسى - عليه السلام - من نفسه ومن علمه بدون وحي من الله؟ !
إن الذي يأتي بهذا القرآن، وبما فيه من تشريع تقطعت دونه أعناق الأمم، وبما فيه من توحيد وتمجيد لله، وبما فيه من القصص والأخبار الصادقة، وبما فيه من المواعظ والحكم، وبما فيه من مكارم الأخلاق، هذا القرآن الذي أعجزَ الإنسَ والجن أن يأتوا بسورة من مثله، وهو الهدى ودين الحق، أقول: إن الذي يأتي بكل هذا في كتاب واحد لن يعقل أن يكون تعلمه من كتب يحكم هو عليها بأنها محرفة مبدلة، أو كلمات يسمعها عرضًا على ألسنة بعض أهل الكتاب في جزيرة العرب، أو نقلًا عن بعض الشعراء الذين يتبعهم الغاوون، وهم في كل واد يهيمون، وهم يقولون ما لا يفعلون.