أخرى من شبهات منكري نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم -، وذلك: أنهم كانوا يقولون إن محمدًا إنما يذكر هذه القصص وهذه الكلمات؛ لأنه يستفيدها من إنسان آخر ويتعلمها منه - ثم ذكر اختلاف الروايات في اسم هذا البشر، وقال: وبالجملة فلا فائدة في تعديد هذه الأسماء، والحاصل أن القوم اتهموه بتعلم هذه الكلمات من غيره، ثم إنه يظهرها من نفسه ويزعم أنه إنما عرفها بالوحي وهو كاذب فيه، ثم إنه تعالى أجاب عنه بأن قال:{لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ}". ثم قال في تقرير أوجه الرد عليهم وتكذيبهم: "الأول: أنهم لا يؤمنون بآيات الله وهم كافرون، ومتى كان الأمر كذلك كانوا أعداء للرسول - صلى الله عليه وسلم - وكلام العدى ضرب من الهذيان، ولا شهادة لمتهم. الثاني: أن أمر التعليم لا يتأتى في جلسة واحدة، ولا يتم في الخفية، بل التعلم إنما يتم إذا اختلف المتعلم إلى المعلم أزمنة متطاولة ومددًا متباعدة، ولو كان الأمر كذلك لاشتهر فيما بين الخلق أن محمدًا - عليه السلام - يتعلم العلوم من فلان وفلان. الثالث: أن العلوم الموجودة في القرآن كثيرة، وتعلمها لا يتأتى إلا إذا كان المعلم في غاية الفضل والتحقيق، فلو حصل فيهم إنسان بلغ في التعليم والتحقيق إلى هذا الحد لكان مشارًا إليه بالأصابع في التحقيق والتدقيق في الدنيا! ! فكيف يمكن تحصيل هذه العلوم العالية والمباحث النفيسة من عند فلان وفلان؟ ! واعلم أن الطعن في نبوة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأمثال هذه الكلمات الركيكة يدل على أن الحجة