للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورضى، والطفل يعجب لأبيه، ويرى أمره أحيانًا مخالفًا عقله الصغير، وليس بمستطيع أن يدخله في نطاق تصوره، ومع ذلك يأبي أبوه إلا أن يلزمه الطاعة، ولعله في بعض الأمور لو خالف أباه كان فيها هلاكه.

ويرى الرجل العاقل أشياء من عمل من هم أكبر منه عقلًا وعلمًا، ينكرها ويجزم بأنها خطأ لا صواب فيه، ثم إذا أمكن لغيره أن يفهمه علتها أو ملابساتها علم أنه أنكر صوابًا، وأن العلة إنما كانت في قصور فهمه.

وإنا لنقرأ كثيرًا عن أبحاث الراصدين من علماء الفلك، فنجد فيها أخبارًا عما ظهر لهم من الرصد والحساب من أبعاد الكواكب من الأرض التي نعيش عليها، لا يمكن للرجل العادي الذي لم يدرس هذه العلوم أن يتصورها (بعض الكواكب يبعد عن الأرض ٢٢٠ ألف سنة ضوئية، أي باعتبار أن الضوء يسير في الفضاء بسرعة ١٨٦ ألف ميل في الثانية الواحدة) وإنما يصدق بها ثقة بالعلماء الذين بحثوا ونقبوا، وقد يكون الخطأ في حسابهم جللا، ولعل الغلطة في رقم من أرقام حسابهم تنتج فروقًا بما لا يتصور عده من ملايين الأميال.

هذا كله في عقل إنساني أمام عقل إنساني، فماذا نرى في عقل إنساني ضعيف أمام قدرة الخالق وعلمه الذي يحيط بكل شيء {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا (١٠٩)} [الكهف آية ١٠٩].

<<  <  ج: ص:  >  >>