فجاء إخوتها، فقال الشيطان للراهب: أنا صاحبك إنك أعييتني، أنا صنعت بك هذا فأطعني أنجك مما صنعت بك، اسجد لي سجدة! ! فسجد له فلما سجد له قال: إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين. فذلك قوله: {كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (١٦)} [الحشر: ١٦]. وهذا إسناد جيد، عبد الله بن نهيك - بفتح النون وكسر الهاء - كوفي، ذكره ابن جنان في الثقات. ورواها أيضا الحاكم في المستدرك (ج ٢، ص ٤٨٤ - ٤٨٥) من طريق عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن أبي إسحاق عن حميد بن عبد الله السلولي عن علي بن أبي طالب، وقال:"هذا حديث صحيح الإسناد". ووافقه الحافظ الذهبي، ولم أجد ترجمة لحميد بن عبد الله السلولي هذا.
سادسًا: وهذه القصة المختصرة عن علي بن أبي طالب فيها عبرة وعظة، وليست من الأحاديث المسندة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإنما هي من القصص الذي يحكى على سبيل الاعتبار، ولعلها مما سمع الصحابة من اليهود من أخبار بني إسرائيل، مما يسميه علماء المسلمين "الإسرائيليات" فسواء كانت حقيقية أو غير حقيقية فإنها ليست تفسيرًا للآية، وإنما هي مثل من المثل، وذكر المفسرين الأقدمين إياها على هذا المعنى، واستشهاد علي وغيره من الصحابة بالآية عقيب القصة على هذا المعنى أيضًا، ثم تزَّيد الرواة الوضاعون الكذابون في أمثال هذه الحكايات، وخرجوا بها عن الحد الذي نقله المتقدمون، واغتر