المفسرون المتأخرون وغيرهم من العلماء فذكروا هذه الروايات المخترعة الباطلة، ولم يكونوا يريدون إلا الوعظ والعبرة، وكثير منهم لا يعرف الصحيح من الضعيف، أو يعرفه ويكتفي بأن رواه بإسناده، وأن القارئ العالم بالأسانيد سيظهر له ضعف الإسناد فلا يظنه صحيحًا، ثم ازداد الجهل بالسنة الصحيحة وبأسانيدها في عامة العلماء، فاختلط عليهم الصحيح بالباطل، إلا من عصم الله، وآتاه حظه من الرشد والتوفيق من الله.
سابعًا: كتاب "جامع البيان" الذي أشار إليه كاتب المقال هو تفسير نفيس لمعين الدين محمد بن عبد الرحمن الصفوي المولود سنة ٨٣٢ والمتوفى سنة ٩٠٥ هجرية، وقد طبع في دهلي قديمًا (سنة ١٢٩٦ هجرية) وقد طبع الثلث الأخير من هذا الكتاب سنة ١٣٥٥ بإشرافنا وتصحيح الشيخ محمد حامد الفقي، وقد ذكر في (ص ٣٧٥) في التعليقات المنقولة عن طبعة الهند: أن السيوطي في الدر المنثور نقله عن ابن أبي أمامة مرفوعًا وعزاه للبيهقي، وهذا شيء لم أجده في الدر المنثور، فلا أدري ممن الخطأ فيه، ولكنه خطأ بكل حال.
ثامنًا: إن تسمية الراهب المنسوب إليه القصة باسم "برصيصا" لم يذكر في كتب المتقدمين والروايات الأولى، ولكنه ذكر في كتب المتأخرين كالبغوي في تفسيره (ج ٨، ص ٣٠٠ - ٣٠٣ من طبعة المنار) ثم من بعده. وقد قال السهيلي في كتاب التعريف والإعلام (ص ١٢٨): "ويقال اسم هذا الراهب برصيصا، ولم يذكر اسمه إسماعيل القاضي، ولا أنا منه على ثقة". وقال ابن كثير في تفسيره (٨: ٣٠٠):