الأكاذيب - في زعمه - لتغطية حملة خانها التوفيق، فإن المسلمين كانوا يحاربون المشركين في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وبعده، وكانوا ينتصرون، كما كان ينتصر عليهم عدوهم في بعض المواقع، فلم يخونوا التاريخ، ولم يخترعوا نصرًا موهومًا، كما نرى في غيرهم من الأمم، بل كانوا صادقي الرواية، مؤدي الأمانة على وجهها، وقد هزموا أو هزم بعضهم في غزوة أحد وفي غزوة حنين، ولم يخفوا ذلك، بل أنزل الله في شأن ذلك قرآنًا يتلى إلى اليوم، فما الحاجة بعد هذا إلى اختراع قصة لستر حملة خانها التوفيق؟ !
وأما ما رضيه قلمه لنفسه مما يقول فيه:(وكانت خطة النبي تقتضيه التدخل في مثل هذه الأمور الدنيوية). وما يريد أن يشير إليه في ذلك، مما يفهمه القارئ النبيه، فليس لنا إلا أن نقول: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يأت بدين رهبانية، بل جاء بدين لمعاملة الإنسان مع نفسه ومع ربه ومع الخلق، وجاء بدين يحض أتباعه على الجهاد وعلى العزة، وعلى العمل للدنيا وللآخرة، فإن كان هذا لا يرضي الأب لامنس فلسنا نستطيع أن نرضيه.
وأما ما ورد في القصة أن السبعين كانوا من القراء وزعمه أن (لا شك في أنه لم يكن في المدينة حينئذ مثل هذا العدد) فإنه جرى فيه على طريقته وطريقة إخوانه في رد الأحاديث الصحيحة والأخبار المتواترة المتعلقة بالإسلام، وليس قوله في هذا إلّا تعرضًا لما لا يعلم، أو جحدًا لما يعلم ويوقن بصحته.