الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ} [آل عمران: ٢٨]. فهذه الكلمة "تقية" رسمت هكذا في المصحف، فقرأها ثلاثة عشر من القراء الأربعة عشر "تُقَاةً" بضم التاء وفتح القاف وبعدها ألف، وقرأها ابن عباس ومجاهد وأبو رجاء وقتادة والضحاك وأبو حيوة وسهل وحميد بن قيس والمفضل عن عاصم ويعقوب أحد القراء الأربعة عشر "تَقيَّةً" بفتح التاء وكسر القاف وتشديد الياء المفتوحة. وكلاهما مصدر فعل " اتَّقَى". فتقاة أصله "وُقَيَة" أبدلت الواو تاء كما أبدلوها في تُجاة وتُكاة، وأنقلب الياء ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها، وهو مصدر على "فُعَلَة"، كالتُؤَدَة والتُخَمَة، والمصدر على "فُعَل""وفُعَلَة" جاء قليلًا. "وتقيَّة" مصدر على وزن "فَعِيلَة"، وهو قليل، نحو النميمة، وكونه من "افْتَعَل" نادر. هذا تصريف الكلمة على القراءتين، كما قرره أبو حيان في تفسير البحر المحيط (ج ٢ ص ٤٢٤). فهذه الآية والآية الأخرى {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ}[النحل: ١٠٦]. هما اللتان اتخذ منهما القائلون بالتقية أصل قولهم، ثم غلا أتباعهم في معناهما حتى أخرجوهما أو كادوا يخرجونهما عن أصل معناهما، وقد بين أئمة العلماء المراد في هذا المعنى، فقال أصحاب أبي حنيفة: التقية رخصة من الله تعالى، وتركها أفضل، فلو أكره على الكفر فلم يفعل حتى قتل، فهو أفضل ممن أظهر، وكذلك كل أمر فيه إعزاز للدين، فالإقدام عليه حتى يقتل أفضل من