دين المسيح - عليه السلام - وحي من عند الله كدين الإسلام، يزن الأخلاق والشهوات بالميزان الصحيح الذي فطر الله عليه الناس وأيدته الشرائع. وبالضرورة ليس الميزان في ذلك هو "الرهبانية" فإنها بدعة في دين المسيح - عليه السلام - ابتدعها أتباعه، كما قال الله سبحانه في القرآن الكريم:{وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا}[الحديد: ٢٧]. وقد نسخها الإسلام أو نفاها. ولسنا ننكر أن في الرهبان من كانوا حقًّا بعيدين عن الشهوات متحرزين في كل شأنهم، ولكنهم إنما فعلوا ذلك بقتل الفطرة الإنسانية السليمة في أنفسهم، حتى وصلوا إلى ما وصلوا إليه، وهو شيء شاذ نادر، لا يصح أن يكون مقياسًا للإنسانية عامة. والله أعلم بما كانوا عاملين.
ولكنا نقيس الأخلاق بمقياس الفطرة الإنسانية التي جاءت الشرائع لتهذيبها والحد من طغيانها، ومنعت كبتها وقتلها في النفس.
وكانت فطرة الرجال، ولا تزال، في أغلب أحوالهم وأكثر أعمارهم أن تتجه شهوتهم للنساء، إذا كانوا ذوي فطرة سليمة، غير ضعفاء، وغير مرائين منافقين، فكان العرب كغيرهم من الرجال، لا يكاد الرجل منهم يكتفي بامرأة واحدة إلا في القليل النادر، وكانوا ذوي غيرة على الأعراض، يستحي أحدهم أن يعتدي عليها في غير حلها إلا ما يندر وما لا تكاد تخلو منه أمة، وكانوا على بقايا من شريعة إبراهيم، فكان أحدهم يرى أن الأجدر به، والأشرف له ولغيره، أن يتزوج بأكثر من واحدة، وأن يطلق من عزفت نفسه عنها،