ولكنهم غلوا في ذلك غلوّ الجاهلية، فلم يجعلوا لعدد الزوجات حدًّا، وكانوا يطلقون المرأة أي عدد شاؤوا من الطلقات، وكان أمرًا جاهليًّا، فجاء الإسلام بالشريعة الوسطى، لم يقيد ولم يطلق في عدد الزوجات، وفيما يملك الرجل من الطلاق للمرأة الواحدة، تنظيمًا للأمور ووضعها موضعها الصحيح.
وكانت الأمم الأخرى وخاصة الإفرنج، كما نرى ونسمع، لا غيرة عندهم، ولا يقيمون للعفاف وزنًا كبيرًا ولا أحب أن أذكر التفاصيل، ولكني لا أحب أن يغالط أحد فيزعم غير ذلك، والمثل حاضرة تقرأ أخبارها كل يوم.
فمقاييس الأخلاق بيننا وبين الإفرنج متغايرة تمام المغايرة، رجالهم كرجالنا، أعني في الأكثر الأغلب، لهم شهواتهم ورغباتهم، ولكنهم قيدوا أنفسهم بالزوجة الواحدة، واتخذوا من العشيقات والأخدان ما شاؤوا علنًا، يعرف بعضهم ذلك عن بعض، وتعرفه زوجاتهم وأمهاتهم وأخواتهم. وذو الميسرة منهم يتخذ لأخذانه البيوت والقصور، وتعقد فيها مجالس اللهو ومجالس العلم، ومجالس المناظرة ولا يتحرجون؛ إذ كان كالأمر المعروف المقرر.
وقيدوا أنفسه بمنع الطلاق، ثم أباحوه إلى حد التهافت والسخرية، وهم يعتقدون أن دينهم لا يبيحه، ولكن أباحته لهم القوانين، والقانون لا ينسخ الدين ولا ينفي ما ثبت بالعقيدة.
فهم يغفلون من التردي في الشهوات أضعاف ما يفعل المسلمون،