ساعده الالتحاق بجامعة فؤاد الأول بكلية الآداب قسم اللغة العربية واللغات الشرقية على تعلم اللغات الشرقية، وتخرج فيها عام ١٩٣٩، كما تعلم اللغة الألمانية، وترجم منها العديد من البحوث والنصوص، كما أنه يرى أن دراسة اللغات الأوربية لازمة لمن يدرس الآداب الشرقية من عربية وفارسية وتركية، وذلك لضرورة الاطلاع على دراسات المستشرقين في تلك اللغات وخاصة لمن يدرس الأدب الإسلامي المقارن.
وفى عام ١٩٣٨ تعرف حسين على صحفي إيراني مقيم في مصر يصدر مجلة إيرانية، فكان يحرص على قراءتها، مما أكسبه لغة الصحافة في الفارسية.
وعندما افتتحت جامعة القاهرة معهد الدراسات الشرقية التحق بقسم "لغات الشعوب الإسلامية" الذي يختص بدراسة الأدب الفارسي والتركي والأردي، وكان من المقرر أن يدرس الألمانية، فرأى أن يتزود باللغة الإيطالية بدلا منها، فأثار ذلك زوبعة بين أساتذة المعهد الذين كانوا يحسدونه على غزارة علمه، وتقرر أن يدرس الإيطالية على أن يمتحن الألمانية في نهاية العام، ونال دبلوم الدراسات الشرقية عام ١٩٤٢، كما درس الروسية في مدرسة للغات، وبهذا اكتملت له العديد من اللغات، فتيسر له الاطلاع على ثقافاتها.
وجعل يفكر طويلا في رسالة الدكتوراة، فوقع اختياره على شاعر تركي عاش في العراق في القرن السادس عشر، هو الشاعر فضولي البغدادي الذي اختلف حوله أهل العلم، وخفيت معظم المراجع اليسيرة للبحث عنه، فرآه أجدر ما يكون بالدراسة، وفي فترة بحثه هذه انتخب منتدبا لتدريس الفارسية وآدابها والتركية في المعهد العالي الذي تخرج فيه، وبعد عام انتدب لتدريس الفارسية في معهد الآثار الإسلامية، وبعد أن وضعت الحرب أوزارها شحذ همته للسفر إلى تركيا عام ١٩٥١ ليبحث عن صديقه الشاعر المفقود "فضولي البغدادي" موضوع رسالة الدكتوراة، ليجمع مادة رسالته التي يئس من تحصيلها في مصر.
وهناك سخر الله له من يساعده من علماء الأتراك، وأرشدوه إلى ما ينفعه في دراسته، وكثير منهم تعجبوا من قدرته على فهم أشعار هذا الشاعر التي لا يفهمونها لصعوبة لغتها القديمة، واطلع على مخطوطات نادرة تميزت بخطها الذي يصعب قراءته، مما أرهق عينيه وأضعفها، حتى إذا فرغ من جمع ما يطلب من مادة بحثه أصيب فجأة بالانفصال الشبكي في عينيه. وعندما عاد إلى مصر امتنع الأطباء عن إجراء عملية له لصعوبتها، وأرشدوه إلى طبيب في سويسرا، فسافر وأجريت له العملية، ومع أنه اعتل بعدها فإنه عاد ليداوم عمله منتدبا في المعهدين العاليين، وواصل كتابة رسالته التي نال بها درجة الدكتوراة عام ١٩٥٥، وهي الأولى التي قدمت إلى جامعة القاهرة في الأدب التركي، وقد ترجمت رسالته إلى اللغة الروسية، وترجم جزء منها إلى التركية والآذرية، وبعد نيل الدكتوراة عين عضوا في هيئة التدريس بالجامعة.
المباحث وقصة الحب الوهمية
بعدها انتدب في جامعة عين شمس وأنشأ قسما للغة التركية وكان الأستاذ الأوحد في هذا القسم. وأقبل الطلاب على دراسة التركية وآدابها وحبب إليهم العلم، ولكن يبدو أن الرياح غالبا ما تعاكسه، فتأتي بما لا تشتهي السفن، فقد طلبت منه إحدى الطالبات ديوانه الثاني "وردة وبلبل"، وأهداه إليها وصدره بقوله "إلى ابنتي فلانة مع أطيب تمنياتي" ولكن كان أمر هذه الطالبة غريبا، إذ أطلعت خطيبها على الديوان، مدعية أنه معجب بها ويؤثرها بهذا الديوان. فدبت الغيرة في قلب الخطيب وجعل يشيع ذلك بالكلية، وكان للأجهزة الأمنية في هذا الوقت سيف مسلط على رقاب الناس وخاصة الدكتور حسين الذي صنفوه على أنه إقطاعي عدو للشعب، وشاعت مقالة السوء حتى إن رئيس القسم أبلغ العميد فأمر الدكتور حسين أن يقدم قسرا طلبا بالنقل إلى وظيفة أخرى غير التدريس، وزعم رئيس الجامعة أن هذا أمر مؤقت، وبعد شهرين استدعاه العميد وقال له:"إن السلطات غير راضية عنك فقدم استقالتك وأعدك إذا لم تعد إلى عملك فسيسند إليك عمل في جامعة أخرى".
وما إن أصبحت النار رمادا حتى انتدب للتدريس في كلية البنات بجامعة عين شمس لمدة ثماني سنوات، ثم كلية اللغات والترجمة بجامعة الأزهر سبعة وعشرين عاما، وفي كلية البنات جامعة الأزهر أربع سنوات أخرى، وفي كلية الفنون جامعة حلوان عاما واحدا، ثم وقع عليه الاختيار عضوا في مجمع اللغة العربية بالقاهرة. وعمل لفترة أستاذا زائرا بجامعة بغداد، وعين في وظيفة أستاذ كرسي غير متفرغ بكلية الآداب جامعة عين شمس.