للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أحسن اللَّه إلينا وإليك في الأمور كلها، وسلمك وإيانا من كل سوء برحمته -واتفقا من هاهنا- أتاني كتابك تذكر فيه ما يذكر من احتجاج من احتج من المرجئة، واعلم رحمك اللَّه أن الخصومة في الدين ليست من طريق أهل السنة، وأن تأويل من تأول القرآن بلا سنة تدل على معناها، أو معنى ما أراد اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، أو أثر-قال المروذي: أو أثر عن أصحاب الرسول صلى اللَّه عليه وسلم- ويعرف ذلك بما جاء عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أو عن أصحابه، فهم شاهدوا النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وشهدوا تنزيله، وما قصه له القرآن، وما عني به، وما أراد به، وخاصٌّ هو أو عام.

فأما من تأوله على ظاهرٍ بلا دلالة من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ولا أحد من أصحابه فهذا تأويل أهل البدع؛ لأن الآية قد تكون خاصة ويكون حكمها حكمًا عافّا، ويكون ظاهرها على العموم، فإنما قصدت لشيء بعينه، ورسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- المعبر عن كتاب اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وما أراد، وأصحابه -رضي اللَّه عنهم- أعلم بذلك منا لمشاهدتهم الأمر وما أريد بذلك، فقد تكون الآية خاصة، مثل قوله: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء: ١١] وظاهرها على العموم، وإن من وقع عليه اسم الولد فله ما فرض اللَّه تبارك وتعالى، فجاءت سنة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن لا يرث مسلم كافرًا، وروي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (١) وليس بالثبت إلا أنه عن أصحابه أنهم لم يورثوا قاتلا، فكان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- هو المعبر عن الكتاب؛ أن الآية إنما قصدت للمسلم لا للكافر، ومن حملها على ظاهرها لزمه أن يورث من وقع عليه اسم الولد كافرًا كان أو قاتلًا، فكذلك أحكام المواريث من


(١) رواه الإمام أحمد ١/ ٤٩، وأبو داود (٤٥٦٤) وابن ماجه (٢٦٤٦) وصححه الألباني في "الإرواء" (١٦٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>