قال صالح: سمعت أبي يقول: لما أدخلنا على إسحاق بن إبراهيم للمحنة، فقرئ عليه كتاب الذي كان إلى طرسوس، فكان فيما قرئ علينا:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}، و {هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} فقال أبي: فقلت: {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}[الشورى: ١١].
فقال بعض من حضر: سله ما أراد بقوله: {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}؟
فقال أبي: فقلت: هو كما قال تبارك وتعالى.
قال صالح: ثم امتحن القوم، فوجه بمن امتنع إلى الحبس، فأجاب القوم جميعا غير أربعة: أبي رحمه اللَّه، ومحمد بن نوح، وعبيد اللَّه بن عمر القواريري، والحسن بن حماد سَجَّادة.
ثم أجاب عبيد اللَّه بن عمر، والحسن بن حماد، وبقي أبي، ومحمد بن نوح في الحبس، فمكثا أيامًا في الحبس، ثم ورد كتاب من طرسوس بحملهما، فحمل أبي ومحمد بن نوح رحمة اللَّه عليهما مقيدين زميلين، أخرجا من بغداد فصرنا معهما إلى الأنبار.
فسأل أبو بكر الأحول أبي، فقال له: يا أبا عبد اللَّه، إن عرضت على السيف تجيب؟ فقال: لا.
قال أبي: فانطلق بنا حتى دخلنا في الرحبة، فلما دخلنا منها وذلك في جوف الليل، وخرجنا من الرحبة عرض لنا رجل فقال: أيكم أحمد بن حنبل؟ .
فقيل له: هذا، فسلم على أبي ثم قال: يا هذا، ما عليك أن تقتل هاهنا، وتدخل الجنة هاهنا. ثم سلم وانصرف.