الصورة، فأما أن يكون اللَّه خلق آدم على صورته فلا، وقد قال اللَّه:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}[الشورى: ١١] ولا نقول: إن اللَّه يشبهه شيء من خلقه، ولا يخفى على الناس أن اللَّه خلق آدم على صورة آدم، فلا يجوز أن يقال: له كيف؛ لأن اللَّه لا يوصف بصفة الإنسان، وقد قال:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ} فذاك ربنا عَزَّ وَجَلَّ ليس كمثله أحد من خلقه.
قال أبو طالب المكي: هذا توهم عن أحمد، إنما هذا قول أبي ثور، فذكر ذلك لأحمد فأنكر عليه، وقال: ويله، وأي صورة لآدم حتى خلقه اللَّه عليها؟ ! يقول: إن اللَّه خلق على مثال، ويله، فكيف يصنع بالحديث الآخر "إن اللَّه خلق آدم على صورة الرحمن"؟ !
قال حمدان بن علي: سمعت أحمد يقول وسأله رجل عن الحديث الذي روي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن اللَّه خلق آدم على صورته": على صورة آدم؟ فقال الإمام أحمد: فأين الذي يروى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن اللَّه خلق آدم على صورة الرحمن"؟ !
"إبطال التأويلات" ١/ ٨٩، ٩١
قال إبراهيم بن أبان الموصلي: سمعت أبا عبد اللَّه، وجاءه رجل فقال: إني سمعت أبا ثور يقول: إن اللَّه خلق آدم على صورة نفسه. فأطرق طويلًا، ثم ضرب بيده على وجهه، ثم قال: هذا كلام سوء، هذا كلام جهم، هذا جهمي، لا تقربوه.
"طبقات الحنابلة" ١/ ٣٣٦
قال حمدان الوراق: سألت أبا ثور عن قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن اللَّه خلق آدم على صورته" فقال: على صورة آدم. وكان هذا بعد ضرب أحمد ابن حنبل والمحنة، فقلت لأبي طالب: قل لأبي عبد اللَّه، فقال أبو طالب: قال لي أحمد بن حنبل: صح الأمر على أبي ثور، من قال: إن اللَّه خلق آدم على صورة آدم، فهو جهمي، وأي صورة كانت لآدم